إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
208142 مشاهدة
ما يجب في العطية

وكلها يجب فيها العدل بين أولاده ؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم متفق عليه .


أما الأقربون فإن كانوا من الورثة كالإخوة والأولاد، فالأولاد يرثون في كل حال، والإخوة قد يرثون وقد لا يرثون، فإذا كانت الوصية للوارث فلا تجوز إلا بإجازة الورثة، وإن كانت لغير الوارث فلا تجوز إلا بقدر الثلث، إلا أن يجيزها الورثة.
قوله: (وكلها يجب فيها العدل بين أولاده؛ لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ):
وسبب هذا الحديث أن بشير بن سعد الأنصاري أعطى ولده النعمان غلاما، فقالت أمه: أشهد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أشهد على جور، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، ألك ولد غير هذا؟ قال: نعم، قال: هلا سويت بينهم ؛ فنهاه أن يعطي واحدا ويترك الباقي، فالوالد مأمور بأن يسوي بين أولاده في العطية، هذا إذا كانت العطية لغير حاجته، أما إذا أعطاه لحاجته فلا بأس كما لو بلغ أحدهم واحتاج للزواج؛ فيزوجه، ولا يعطي الآخرين مثله ما لم يبلغوا، أو مثلا احتاج لمصاريف الدراسة، أو سيارة للتنقل عليها، فيجوز أن يعطيه بقدر حاجته.
أما إذا أعطاهم تبرعا كأن أعطاهم وهم غير محتاجين، فلا بد أن يسوي بينهم، ويجوز له أن يفضل من هو مستحق، فإذا كان أحدهما بارا به ويقوم بخدمته، والآخر عاصيا وخارجا عن طاعته؛ فإن له أن يشجع هذا البار ويزيده، حيث إنه أطاعه وبره، أو شاركه في تنمية تجارته ونحو ذلك.